وقفه مع ثوره الزعيم

 هذا المقال كتبته بتاريخ 28/6/2009 فى مدونه الحياه على ايلاف

وجدت انه من الملائم إعاده  نشره الان

وكأن التاريخ يعيد نفسه وكأننا نقول لا جديد تحت الشمس

حتى نتعلم من اخطائنا

السلام عليكم
كنت اتابع مسرحيه ((الزعيم)) لعادل امام ووقفت عند مشهد يقول فيه ((هشتكنا وبشتكنا ياريس))
وتاملت هذا المشهد جيدا وسالت نفسى لماذاتتحول الثوره دائما من مقوله ((لقد قامت هذه الثوره من اجلكم وفى سبيلكم )) ثم تتحول الى (( هشتكنا وبشتكنا ياريس دا انت رئيس والنعمه كويس));
لماذا تتحول الثورات التى قامت من اجل الشعب وللتحرر من ظلم الحاكم الى ظلم الجماعه  ربما نقول ان الحاكم السابق كان ارحم من هؤلاء المخلصين الثوار اصحاب المبادىء والقيم
ولقد بحثت عن اى ثوره اعزى بها نفسى من الثوره الفرنسيه الى الثوره البلشافيه والى جميع الثورات التى قامت فى الوطن العربى ولكنى لم اجد اى من هذه الثورات بلا استثناء اى قاعده تخالف هذا التحول الغريب .فقد بدات للتحرر من ظلم جائر ولكن للاسف تتحول دائما الى ظلم اكثر جورا
ثم سالت نفسى لماذاهذا التحول فى سياسه القائمين بالثوره وارجوا منك ايضا ان تفكر معى فى هذه المعضله الغريبه رجل ظلم يتحول الى ظالم اليس هناك تناقض؟ ولكننى خلصت الى عده نقاط
اولا : تقوم معظم الثورات بسبب سيطره طبقه ما او اسره ما على الحكم والانفراد بالحكم ولكننى وجدت بعدما تقام الثوره تتحول الى سيطره الرجل الواحد والفكر الواحد فتتحول السيطره من مجموعه الى الفرد , ولكن هذا الفرد يتحول من قائد الثوره الى الزعيم الاوحد ثم يحول الى المخلص والى الزعيم الملهم وهنا تبدا تحول الفكر الى الانا والانا المطلقه والفكر الذى يباركه الاله فتتحول الانا الى الشعور بان الزعيم هو الاله وتختلف هذه الفكره تبعا للفكر السائد فى فتره الثوره , فنجد مثلا فرعون يقول انه هو الله (( ما عذا الله ))
فهذه الفكره تزداد مع زياده الافاقين والمداحين فنجد ان هناك من يحاول ان ياخذ نصيبه من الثوره وخاصه من طبقه اصحاب الفكر من ساسه وعلماء واصحاب قلم ,ويحضرنى ان احد الخلفاء اخذ فتوى من 40 عالم دين ان الخليفه لا يحاسب يوم القيامه
;,فنجد الكلمه الشهيره (( بتوجهات وتعليمات السيد الزعيم او الرئيس او الملك )) هذه الكلمه تزيد من تحول البلد من فكر المجموعه الى فكر الفرد وكان البلد لن تاكل او تشرب الا بالتوجهات الساميه للسيد الزعيم .
ثانيا : نجد تحول فرحه الشعوب وخاصه الشعوب المقهوره التى عانت الكثير تحت الظلم الى نوع من الخنوع والخضوع لهذا الشخص صاحب هذا الفضل - الثوره -;فلا تجد من يحاول تعكير صفوا هذا الزعيم بالاعتراض على ما يقوم به من افعال او حتى باللوم
فيتحول الحق الى فضل ومنه من القائد وكأن القائد قام بهذه الثوره كمنه وفضل عظيم على هذا الشعب . فعندما يقوم احد بالنقد واللوم للزعيم نجد ان من الشعب سواء بحسن او بسوء نيه يقوم بالدفاع المستميت ويذكرنا دائما بان هذا الزعيم هو من خلصنامن الظلم على طريقه ((لا تعض اليد التى احسنت لك))
واذكر مقوله لاحد حكام العراق عنما حضر احدى المؤتمرات ووجد كم هائل من التهليل والهتافات
فقال ((سيحولنى الشعب الى ديكتاتور"
ثالثا :دائما عندما تقام الثورات لا يكون لها هدف واضح فالفكره الغالبه هى التحرر ولكن ما بعد هذا التحرر لا يضع احد من القائمين على الثوره اى اهتمام بما بعد الثوره فكان الدنيا تقف عند نقطه كيفيه قيام الثوره ولكن ما بعد ؟ , فلا ينظر لها احد حتى بعد نجاح الثوره لا يتم التعامل مع فكره ما بعد الثوره , وهذه النقطه لها ابلغ الاثر فى الفكر السائد خلال فتره ما بعد الثوره من حيث الشك فى الكل والخوف من الكل وتصبح البلد كلها الى معسكر مغلق فى خدمه قيام الثوره
;فيتحول كل من قال لا او اعترض على اى وضع اصبح عدو للثوره وللزعيم وللبلد واصبح خائن وعميل و تصبح فكره العماله والخيانه الى تهمه تقف امام كل من قال لا.
رابعا : معظم الثورات يقوم بها العسكريين وهذه النقطه بالغه الاهميه فى فهمى للثورات فتصبح البلد ثكنه عسكريه لا مجال فيها لمن قال لا او اعترض , وهذا ينعكس على الفكر السائد فلا سبيل للاعتراض او المناقشه فتصبح التصرفات من جانب الزعيم او من يتبعه ماهى الا اوامر عسكريه تنفذ فقط ويصبح الشعب جنود ينفذوا الاوامر دون مناقشه وهذا ايضا ينعكس علبى القانون المنظم لحياه الافراد فيصبح له سمه العسكريه.
فالمعترض يحاكم بالقانون الذى اصبح من قانون مدنى الى عسكرى لا مجال فيه لمخالفه الاوامر.
خامسا : يظن كل من قام بهذه الثوره بان له الحق المطلق فى قياده البلد تبعا لفكره وتخطيطه ولن اجد فى اى ثوره ان من قام بها رجع الى مكانه الاصلى او الى مؤسسته بل انهم يوزعوا البلد على انفسهم فكل شخص يسيطر جزء من البلد فهذا ياخذ منصب فى القضاء وهذا ياخذ منصب فى السياحه واخر يأخذ منصب فى الرياضه
فنجد اللواء فلان رئيس نادى وهذا مدير شركه وهذا العقيد فلان مدير مسرح كذا
وهنا تتحول المناصب من انها تعطى للافضل والاجدر بها الى اكراميه ومكافأه نهايه خدمه وهنا يغيب اصحاب التخصص عن اماكنهم فتتعطل البلد وتهدرالعقول واصحاب الاختصاص
;ومن هذه العوامل المجتمعه تتحول الثوره بغياب الفكر والتخطيط لما بعد الثوره وغياب اصحاب التخصص وغياب الروح المدنيه وتحولها الى العسكريه وزياده قوه الانا الى فشل الثوره وزياده العنف والظلم

وقفه مع ثوره الزعيم وقفه مع ثوره الزعيم Reviewed by mathlif123 on مايو 27, 2011 Rating: 5

ليست هناك تعليقات: